أحزاب الأغلبية أمام امتحان السنة الأخيرة في الحكومة.. وتوقعات بتنافس "فردي" بعيدا عن أي تحالف قبلي لدخول غمار الانتخابات
تدخل أحزاب الأغلبية الحكومية، المكونة من التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، سنة سياسية حاسمة تُعتبر بمثابة الامتحان الأخير قبل الانتخابات التشريعية المقبلة، وسط توقعات بأن تزداد حدة التنافس بينها على حساب التنسيق الجماعي الذي طبع السنوات الثلاث الماضية.
ويرى متتبعون أن هذه السنة قد تشكل فرصة لتعزيز رصيد الأحزاب الثلاثة، أو على العكس محطة قد تكشف عن تباينات أعمق بينها، خاصة أن كل حزب سيحاول إبراز منجزاته الحكومية وإقناع الناخبين بدوره في تدبير الشأن العام فيما تبقى من عمر هذه الولاية الحكومية.
ووفق مصادر سياسية متتبعة للمشهد السياسي المغربي، فإن هذا المنحى قد يؤدي إلى حدوث تباين في إنجازات أحزاب الأغلبية، وقد سبق أن ظهرت إشارات إلى هذا التوتر خلال السنوات الماضية، مثلما أشاد حزب الأصالة والمعاصرة العام الماضي بما حققه داخل الحكومة، قبل أن يلمّح إلى ضرورة أن يبذل حزب الاستقلال "مجهودا أكبر" في معالجة أزمة ندرة المياه، دون أن يسميه مباشرة.
وكان هذا الموقف ومواقف أخرى قد أظهرت وجود تصدع بين أحزاب الأغلبية، ما دفع برئاسة الحكومة إلى إصدار بلاغ مشترك للتأكيد على تماسك الأغلبية، في محاولة لتبديد الانطباع بوجود خلافات، غير أن المراقبين اعتبروا أن مثل هذه المواقف ستتكرر بشكل أوضح خلال السنة الأخيرة قبل الانتخابات.
ويُتوقع أن تزداد المنافسة شدة بين أحزاب الأغلبية خلال هذه السنة، إذ يسعى كل منها إلى تحسين موقعه الانتخابي بعيدا عن أي التزام قبلي بالدخول في تحالف مشترك قبل يوم الاقتراع.
وفي هذا السياق، أوضح المحلل السياسي خالد الشيات أن "المنظومة الحزبية المغربية لا تعرف عادة تحالفات قبلية، أي قبل الانتخابات، إذ أن جميع التجارب السابقة مثل تحالف الثمانية، لم تكن تعكس تحالفا حزبيا حقيقيا بمفهومه المؤسساتي".
وأضاف الشيات في تصريح لـ"الصحيفة" أن هذا النموذج مختلف عن بعض الأنظمة السياسية التي تعرف تناوبا ثنائيا أو ثنائيا موسعا بين كتل حزبية، مشيرا إلى أن الحالة المغربية تُبقي التنافسية قائمة بين جميع الأحزاب إلى حين الإعلان عن نتائج الانتخابات.
ولفت إلى أن القاعدة في التجربة المغربية هي خوض الانتخابات بشكل منفرد، قبل أن تنطلق المشاورات لتشكيل الحكومة أو بناء تحالفات داخل المجالس الجماعية والجهوية، وهو ما يفسر غياب أي مؤشرات على توافق قبلي بين أحزاب الأغلبية الحالية.
وحسب الشيات دائما، فإن أبرز مثال على هذا المسار هو ما جرى في الانتخابات الأخيرة، حيث خاض كل من التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال المنافسة بشكل منفرد، قبل أن يتوافقوا بعد ظهور النتائج على تشكيل الحكومة والسيطرة على المجالس الجماعية الكبرى.
ويرى مراقبون للشأن السياسي أن التنافس الفردي بين هذه الأحزاب قد يمنح الناخبين خيارات أوضح حول البرامج السياسية والقطاعية لكل طرف، لكنه في الوقت نفسه قد يضعف خطاب "الإنجاز المشترك" الذي حاولت الأغلبية الترويج له خلال ولايتها.
وفي المقابل، يعتقد آخرون أن هذه التنافسية ليست بالضرورة مؤشرا على تفكك الأغلبية، بقدر ما تعكس دينامية طبيعية في سياق انتخابي يسعى فيه كل حزب لتقوية موقعه قبل العودة مجددا إلى طاولة التفاوض بعد إعلان النتائج.
وتبقى الأنظار موجهة إلى كيفية تسيير أحزاب الأغلبية للسنة الأخيرة من عمر الحكومة، وهل ستنجح في تحقيق التوازن بين إبراز منجزاتها الفردية والحفاظ على حد أدنى من التنسيق، أم ستتحول إلى ساحة مفتوحة للتنافس المبكر على صناديق الاقتراع.




